حلاوة الدنيا
كان رجل يتمشى في أدغال أفريقيا. وفجأة سمع صوت عدْوٍ سريع باتجاهه. وكان الصوت يزداد وضوحاً بصورة سريعة، فالتفت الرجل إلى الخلف ليرى أسداً ضخم الجثة منطلقاً بسرعة نحوه وهو يزأر.
أخذ الرجل يجري بسرعة هارباً من الأسد، والأسد وراءه. وعندما اقترب الأسد منه رأى بئراً قديمةً
فقفز قفزة قوية ليتجاوزه، لكنه وقع في البئر.
أمسك الرجل بحبل البئر الذي يُسحب به الماء، كي لا يقع إلى قاع البئر، وأخذ يتأرجح داخل البئر. وعندما التقط أنفاسه وسكن زئير الأسد، سمع صوتاً في جوف البئر، فنظر إلى الأسفل ليرى ثعباناً طويلاً ضخم الرأس والجسم متجهاً باتجاهه.
وفيما هو يفكر بطريقة يتخلص بها من الأسد والثعبان، إذا بفأرين أحدهما أسود والآخر أبيض يصعدان إلى أعلى الحبل ويبدءان قرض الحبل.
هُلع الرجل من الخوف، وأخذ يهز الحبل بيديه عسى أن يهرب الفأران، لكنهما استمرا في قضم الحبل.
فأخذ يزيد شدة الهز حتى أصبح يتأرجح هو نفسه يميناً ويساراً داخل البئر يصطدم بجوانبه.
أحس الرجل وهو يرتطم بجدار البئر بشيء رطب ولزج، فمد يده يتحسسه، فإذا به عسل نحل بنى خليته داخل البئر.
تذوق الرجل العسل بأخذ لعقة منه، وأعجبه الطعم فكرر تذوق العسل. ثم من شدة حلاوة العسل نسي الموقف الذي هو فيه.
وفجأة استيقظ الرجل من النوم، فقد كان كل ذلك حلماً مزعجاً.
ذهب الرجل إلى شيخ عالم يفسر له الحلم. وعندما سرده له، ضحك الشيخ، وسأل الرجل: ألم تعرف تفسيره؟
قال الرجل: لا
قال الشيخ:
الأسد الذي كان يجري ورائك هو ملك الموت.
والبئر الذي به الثعبان هو قبرك.
والحبل الذي كنت تتعلق به هو عمرك.
والفأران الأسود والأبيض هما الليل والنهار يقضمان من عمرك.
قال الرجل: والعسل أيها الشيخ؟
قال الشيخ: هي الدنيا التي أنستك من حلاوتها أن وراءك موت وحساب …