إشكي لله
كان هناك فتاة يتيمة ليس لها أحد في الدنيا غير أمها.
تزوجها بعد أن كبرت ابن عمها. وكان هذا الزوج شديد الظلم والجبروت، وكان يسئ معاملتها هو وجميع أهله، فجعلوها كالخادمة تعمل في البيت ليل نهار دون أن تسلم من الأذى والسب والشتم بل حتى الضرب في بعض الأحيان
وكانت هذه الفتاة كلما ضاقت بها الدنيا، تلجأ لأدفأ مكان وهو حضن أمها. فتشكو لها كل ما يحصل معها ثم تبكيان سوياً قبل أن تعود إلى زوجها. وكانت الأم ضعيفة مقعدة لا حول لها ولا قوة سوى مشاركة ابنتها ألمها بالبكاء معها.
بقيت الأحوال على هذا المنوال عشر سنوات، وكان الوضع يسوء الوضع باستمرار حتى قرب الأجل وحان وقت رحيل الأم إلي بارئها، فبكت البنت وانهارت أمام أمها وهي في سكرات الموت، وهي تقول: لمن أشكو يا أمي بعد رحيلك؟ لمن أحكي مأساتي؟ أمي! لا تتركيني وحيدة!
فقالت لها أمها: يا ابنتي إن مت وضاقت بك السبل فتعالي إلى بيت أمك هنا، وافرشي سجادتك واسجدي لله، واحكِ له كل ما يعكر صفوك واشكِ له همك وبثي إليه حزنك.
ثم ماتت الام، ومر أسبوع على ذلك، وضاقت الدنيا على البنت فأخذت سجادتها وجرّة بها ماء للوضوء، وذهبت إلى بيت أمها وقامت بما نصحتها به، فأحست براحة شديدة. واستمر الأمر هكذا لمدة شهر. تأخذ جرّة الماء كل أسبوع وتذهب إلى بيت أمها، تمكث ساعات ثم تعود وهي مبتسمة.
لاحظ أهل الزوج هذا، فأدخلوا الشيطان بينها وبين زوجها وقالوا له: من المؤكد أن زوجتك تخونك فهي تذهب كل أسبوع إلى بيت أمها ومعها الماء وهي متكدرة، ثم تعود بعد ساعات والماء فارغ وهي فرحانة.
قرر الزوج أن يراقب زوجته، وذهب قبل الموعد إلى بيت الأم واختبأ في مكان يراها منه وهي لا تراه. وذهبت الزوجة كالعادة فتوضأت ثم صلت ثم انفجرت باكية وهي ساجدة وتحدثت إلى ربها عن كل هم يؤلمها وبما يفعل بها أهل زوجها، ودعت لزوجها بالهداية وتوسلت إلى الله أن يصلح لها زوجها لأنها تحبه رغم كل شيء. وظلت تبكي وتبكي وهو يسمع ويبكي معها متأثراً بما يرى ويسمع.
ثم أنهت صلاتها، وإذا بها ترى زوجها يظهر لها وهو يبكي ويحتضنها ويعتذر لها، ويعدها على أن يعوضها عما سبق، يبشرها أن الله استجاب لدعائك.
وفي تلك الليلة، لم يعودا إلى بيت أهله وناموا في بيت أمها. وبينما هي نائمة رأت شخصاً في المنام يقول لها: اشتكيت عشر سنوات لأقرب الناس إليك ولم ينفعك ذلك بشيء. واشتكيت لله شهراً واحداً فغير الله حالك من حال إلى حال.